joba
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لكل من يبحث عن الجديد(أغاني _العاب_برامج_رياضه)
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الثانوية العامة: الوهم الذي قادنا للجحيم (١ - ٢)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد الرسائل : 182
تاريخ التسجيل : 16/06/2008

الثانوية العامة: الوهم الذي قادنا للجحيم (١ - ٢) Empty
مُساهمةموضوع: الثانوية العامة: الوهم الذي قادنا للجحيم (١ - ٢)   الثانوية العامة: الوهم الذي قادنا للجحيم (١ - ٢) I_icon_minitimeالخميس يونيو 26, 2008 8:26 am

الصور التي نشرتها الصحف لفتيات في عمر الزهور يبكين وينتحبن بحرارة كأنما مات آباؤهن، وحالات الإغماء التي تملكت الكثيرات منهن عندما وقعت أنظارهن علي أسئلة الفيزياء ووجدن أنها تعجيزية لا يمكن لها إجابة، فإذا كان آباؤهن لم يمتن فإن مستقبلهن كاد أن يضيع.

هذه الصور تثير الأسي والحزن، ولكن ما هو أهم أنها تدفع إلي التساؤل: إيه الحكاية؟ ما هي هذه الثانوية، التي ترتهن بيوت مصر طوال الشهر الذي يسبق امتحاناتها، بحيث تكون مجندة لإبداع الوسائل التي تجعل أبناءها وبناتها ينجون من الكابوس الرهيب «الامتحان»؟

بدأت القصة مع بداية التعليم الحديث بعد وقوع الاحتلال البريطاني وسيطرة قس إنجليزي علي وزارة المعارف بصفة مستشارها هو المستر دانلوب، وكان المستشار الإنجليزي في كل وزارة هو الحاكم بأمره فيها.

وضع المستر دانلوب سياسة تعليمية تقوم علي الوفاء بالمتطلبات الثقافية للمجتمع، فالمجتمع يحتاج إلي أطباء، فليكن هناك معهد عال لتخريج الأطباء، ويحتاج لمعلمين، فليكن هناك معهد عال لتقديم المعلمين، ويحتاج لمهندسين علي اختلاف تخصصاتهم، فليكن هناك معهد عال للهندسة.. إلخ.

وفي الوقت نفسه، فإن المجتمع يحتاج إلي جيش جرار من الذين يقومون بأعمال تطبيقية أو كتابية أو مساعدة، وصغار الموظفين في دواوين الحكومة، الذين يطبقون شعار «Yes Sir »، فهؤلاء تقدمهم المدارس الثانوية التي كانت الدراسة فيها تستمر لمدة خمس سنوات يمنح الطالب فيها شهادة البكالوريا، كما كان يمكن أن تقف عند أربع سنوات، يمنح الطالب فيها شهادة الكفاءة، كما كان هناك معاهد متوسطة فنية، وكان خريجوها من الذين لا يدخلون الجامعة.

وكانت وسيلة التقدم من مستوي إلي مستوي هي الامتحان، فالذين ينجحون في إتمام الدراسة الابتدائية (أربع سنوات) يدخلون المدارس الثانوية، والذين يتمون دراسة الثانوية (خمس سنوات) يدخلون الجامعة.

اكتسب الامتحان من هذه اللحظة أهمية، ولكن دون رهبة أو خوف.

من الحق أن نقول إن الدراسة في هذه الحقبة كانت منضبطة، جادة، وكان مستوي المادة الدراسية عاليا، ومستوي الأساتذة رفيعًا، وكان مدرس اللغة الإنجليزية إنجليزيا يدخل المدرسة الثانوية وهو يلبس طربوشًا قديمًا، ولكن يقدم إنجليزية جيدة، وفي العشرينيات والثلاثينيات كان نظار المدارس الثانوية إنجليزاً، وكانت المدارس تشغل مباني فسيحة ولها ملاعبها الرياضية وحدائقها، وأماكن تنمية الهوايات المختلفة.

لم تكن الدراسة مجانية، كانت هناك مصاريف معقولة، قد يعجز عنها الفقراء، علي أن الطالب الذي يثبت تفوقاً كان يمنح المجانية، بل ينال مكافأة مالية رمزية.

كان هنـاك نقص في سياســة التعليم، إلا أنها عنيت بالمادة، وليس بالطالب، ونظرت إلي الطالب كأنما هو وعاء تصب المادة فيه صبًا.

كما لم تعن بأن تقدم الفلاح الذي يتميز عن الفلاح المصري من أيام مينا، ولم تعن بأن تقدم العامل الذي يلم بأساسيات العلم والعمل، لأن السياسة البريطانية كانت تعمل لتكون مصر بلدًا زراعيا، تزرع القطن، ولكنها لا تغزله أو تنسجه فقد قيل إن مصر ليس فيها فحم أو حديد، وأن التراب يفسد سير الآلات، ومن هنا فعليها أن تزرع القطن وتصدره، لتعيده بريطانيا إليها منسوجات ممتازة «إنجليزية»، وكان مدرس الفرنسية يعلمنا جملة «إذا مشي القطن، كل شيء يمشي».Si le coton va, tout va

ولكن هذه العيوب، أعني قصور السياسة التعليمية والاعتماد علي الامتحان كوسيلة للترقية، لم يصل إلي مستوي التفاقم في العشرينيات.

وكان التطور الاجتماعي ينحو نحو «البرجوازية» وتتركز الأهمية فيها وفي أبنائها من محامين أو أطباء أو مهندسين، وتحويل المعاهد العليا إلي جامعات، وجعل هذا التطور المزدوج ما بين النمو الاجتماعي الطبقي (البرجوازي) وظهور الجامعات من الشهادة الجامعية جواز المرور للمجتمع البرجوازي، بحيث إنه إذا لم يحصل عليها الطالب، فإنه ينحدر من مستوي البرجوازية «المحترم» إلي مستوي الصنايعية والكتبة والحرفيين.

مع الزيادة النسبية للبرجوازية زادت أهمية الجامعة وشهادتها، وزاد الحرص عليها حتي من الفقراء، وجاء الفرج مع تطبيق سياسة «التعليم كالماء والهواء»، إذ فتحت أبواب الدراسة المجانية للجميع، من الدراسة الأولية حتي الجامعة.

ولما كان التعليم لا يمكن أن يكون كالماء والهواء، لأنه يتطلب إقامة مدارس لها اشتراطات عديدة، ولها كتب، وأهم شيء الأساتذة الأكفاء، فكيف يمكن «خلق» هؤلاء خلقاً، وعلي وجه السرعة، لتحقيق سياسة الماء والهواء.

انحط مستوي التعليم انحطاطاً شديدًا، وفي الوقت نفسه زاد التشبث بالجامعة التي تنقل أبناء الفلاحين والعمال إلي أعلي المناصب.

وكما ذكرنا، فإن النظام القديم وإن كان طبقيا، ويشترط مصروفات، لكن هذا لم يكن ليعجز الفقير الطامح إلي التعليم، كما كان الطالب يمكن أن يظفر بالمجانية إذا أثبت أنه فقير، وكانت هناك وسائل أخري عديدة تسمح لأبناء الفلاحين وصغار الموظفين بدخول الجامعة، وقد دخل الكلية الحربية المرموقة جمال عبدالناصر وأنور السادات وكانا من أفقر الأسر.

ولا أريد أن أدخل في مجادلات مع «المنتفعين» من هذا النظام، ولكنه كان في الحقيقة أبعد شيء عن أن يكون شعبيا، لسبب بسيط هو أنك لا تستطيع أن تنشئ جيشًا كل جنوده ضباط، وكانت سياسة الماء والهواء تغري كل الجنود بأن يكونوا ضباطًـا، فعمقت الطموح الطبقي، وبهذا فإنها كانت أبعد شيء عن معني الشعبية.

اشتد الزحام علي الجامعة، ولما كان باب الجامعة هو امتحان الثانوية، كان لابد أن تُصعب الامتحانات للحد من السيل العرم، وكان لابد أن ترفع نسب المجموع لكليات «القمة»، كما أطلقوا عليها، ولكن شيئاً من ذلك لم يثن الجماهير، لقد أصبحت الجامعة «وثناً» يعبد، وكان الرد علي صعوبة الامتحانات «هو حفظ المقرر صم»، وبذلك يجتازون العقبة، بل اجتازوا المجموعات المرتفعة التي تطلبتها «كليات القمة» كما يقولون، بحيث عجزت النظم عن الحد من أعداد الطلبة فاستسلمت، فزادوا بعشرات الألوف.

وكان لابد أن تكون البطالة هي النهاية المفجعة، وخاتمة الكد والجد، وإنفاق مئات الألوف علي المدرس الخصوصي والسهر ليالي طويلة.. الخ.

يأخذ الطالب «البكالوريوس» المرموق، ولكنه لا يعمل به، بل لا يعمل مطلقاً، وعليه أن يمضي خمس أو عشر سنوات ما بين البيت والمقهي عالة علي الأسرة، يمضي أجمل سنوات العمر في يأس وغيظ، مما قد يعرضه للانحراف، وإذا أراد أن يعمل فلينس «البكالوريوس» المرموق.

أقول للآباء والأمهات هذا ذنبكم، لقد توهمتم أن الثانوية هي الطريق إلي الجنة وأن أبناءكم إن لم ينجحوا فيها سقطوا في النار وأصبحوا صنايعية بدلاً من أن يكونوا أفندية، ادخلوا بسلام في الجحيم الذي صنعتموه بأيديكم، ولا تريدون عنه زوالاً، ولا منه انتقالاً.. فالبطالة في انتظاركم. وفي البطالة متسع للجميع.

أما كلمتي لصناع السياسة التعليمية في مصر.. فهذا ميعاده العدد القادم.

ختام الكلام:

غرامة لذيذة تلك التي فرضت علي الاحتكار، أن أكسب ملياراً وأدفع ٣٠٠ مليون.. إنها ليست ـ يا سيد عز ـ غرامة، إنها مكافأة وتأمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://joba.ahlamontada.net
 
الثانوية العامة: الوهم الذي قادنا للجحيم (١ - ٢)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
joba :: الفئة الأولى :: المنتديات :: الاخبار-
انتقل الى: